dimanche 3 février 2013

الصهاينة لن يدعوا الجزائر تبقى مستقرة

الشيخ حسين عمران: "الصهاينة لن يدعوا الجزائر تبقى مستقرة" 




الشيخ حسين عمران. |ح. م.


بعد "الربيع العربي" وجدت الجزائر نفسها محاطة بثلاث دول غير مستقرة (تونس وليبيا والآن مالي).
هل هي محض مصادفة أم، بالعكس، ترون أن الجزائر ستكون
 الهدف القادم للصهاينة؟

هناك سبب آخر تعرضت من أجلها ليبيا للعدوان، هو النفط. أراد الصهاينة أن يسيطروا على النفط الليبي، ولقد تأتى لهم ذلك اليوم، بنفس الطريقة التي سيطروا بها تقريبا على النفط السعودي. أرادوا ذلك، لأن الصهاينة رغبوا في الحصول على "محيط من النفط" يشتغل مثل "جبل من الذهب" يدعمون به النظام النقدي القائم على البترودولار. هذه النبوءة التي قالها النبي محمد (صلعم) بخصوص "انحسار الفرات عن جبل من الذهب" تحققت عام 1973، عندما أقنع هنري كسينجر الملك فيصل ببيع النفط السعودي والعربي بالدولار وحده.
أنا بصدد تأليف كتاب حول هذا الموضوع: "الإسلام، البترودولار والآخرة." والجزائر من ضمن جميع الدول الإفريقية تملك، على ما اعتقد، احتياطي كبير من الغاز. والجزائر تعتبر حاليا مصدّر رئيسي للغاز الطبيعي نحو أوروبا، وخاصة نحو فرنسا. ومن هذا المنطلق، وكذلك من منطلق وجود نوع من الاستقرار في المجتمع، من البديهي أن الصهاينة لن يسمحوا للجزائر بأن تبقى مستقرة. لا.. سيخططون لإستراتيجية لتغيير النظام بما يكفل لهم السيطرة على احتياطي الغاز. نحذر ونقول أنه إذا كان احتياطي الغاز اليوم تحت سيطرة الجزائريين، فغدا قد تتغير الأمور مثل ما حصل في ليبيا.
ثم إن هناك مشكل آخر، هو أن الجزائر بلد شاسع وهذا سيتطلب إستراتيجية لتفكيك الدول الإسلامية الكبرى إلى دويلات صغيرة. فلا تستغربوا إذا رأيتم مصر مقسمة إلى ثلاثة أو أربعة دول. ولا تستغربوا إذا لقيت باكستان نفس المصير. لأن الدول الصغيرة أسهل للسيطرة من طرف السلطة المهيمنة. في باكستان، السلطة المهيمنة هي طبعا الهند. في مصر، ستكون إسرائيل. العربية السعودية وقطر هما حليفان لإسرائيل. لا أملك معطيات وافية بشأن الجزائر والمغرب وتونس حتى أفهم الإستراتيجية. لكن ما جرى في مالي حاليا، يبدو لي مؤشرا هاما جدا. وأنا افتقد لأدوات هنا في ماليزيا، لأقوم بهذا التحليل للوضع في مالي. إلا أني واثق من أن مفكريكم في الجزائر، عندما يدركون بأن المخطط هو تفكيك الجزائر، سيفهمون ما يجري في مالي من زاوية أخرى.

في التسعينات، كانت الجزائر هدفا للحركات السلفية والإرهاب الإسلامي، المدعم والممول من قبل دول الخليج. في نظركم، هل كان ذلك شبه "مختبر" تحسبا لمخطط شامل لزعزعة كامل البلدان العربية في المستقبل؟
ما وقع في الجزائر في التسعينات تكرر السنة الماضية في مصر. عندما يعاني الشعب كثيرا، ـ وهو حال الجزائر، كان استعمارا فرنسيا قاسيا جدا، قاومه الشعب الجزائري الأبي. ولما عانوا كل تلك المعاناة، أحسوا برغبة عميقة للعودة إلى جذورههم. أحمد بن بلة ظهر في الستينات كقائد جد محبوب. آنذاك كنت شابا. أحمد بن بلة "اجتاح" كل أفريقيا الشمالية بفضل شهرته. وجاء بعده هواري بومدين. لكن قيادته كانت مماثلة لتلك التي مارسها عبد الناصر في مصر. لم يعرف كيف ينال قلوب المواطنين. لأنك إذا أردت أن تصل إلى القلوب، عليك أن تمس العالم المقدس. لكن لا يمكنك أن تحقق ذلك بإيديولوجية علمانية. شمال أفريقيا منطقة روحية بالأساس. الرؤية السلفية لا يمكنها أن تكسب القلوب سكان شمال إفريقيا روحيون جدا. هي جزء من إفريقيا. أرى أن روحانية الجزائر والمغرب ليست إرثا عربيا، بل إفريقيا. والإنسان الإفريقي له جذوره في الروحانية. الهندي والفارسي لهما في إيران سلطة فكرية. وهناك مفكرون كبار أصلهم من الهند ومن إيران. لكن إفريقيا لديها جذور روحانية جميلة، محفوظة في شمال إفريقيا في صورة الإسلام. فإذن أحمد بن بلة وهواري بومدين لم ينجحا في اختراق قلوب الناس ونيل رضاهم، لأنهما كانا بحاجة لاقتحام العالم المقدس لتحقيق ذلك. كما فشل السلفيون، لأن بحاجة إلى تبني نظرة روحية خالصة وحيوية وشجاعة للإسلام في قهر الظلم والاضطهاد في العالم. وبما أن لديكم صفة القيادة هذه في الجزائر، فبمقدوركم القيام بدور قيادي حاسم في الشؤون العربية. كثير من الأشخاص طلبوا وطرحوا عليّ هذا السؤال: "ما هي مكانة الجزائر والمغرب وتونس في "آخر الزمان"؟ ستتفاجؤون من عدد الرسائل الإلكترونية التي أتلقاها. أتمنى أن تقدم لهم جريدتكم هذا الجواب. فالجزائر والمغرب وتونس وليبيا قبل هذه الانتفاضات لديها دور ينتظرها. عليكم أن تدعوا إلى إسلام روحي قوي قادر على بلوغ أعماق الناس. إسلام يبرز أنبل ما في أنفسهم ويكون جذابا. الدعوة التي يتبناها الإخوان المسلمين ليست جذابة البتة. لا تستطيع اليوم أن تفرض الشريعة في مصر بالعصا. بل يجب أن تطبق الشريعة بطريقة تسمح لك بإظهار تفوقها على جميع الأديان المنافسة. بهذه الطريقة، يمكن أن ينجذب الناس للشريعة. هذا هو الدور المنتظر من الجزائر، لأنه الجزائريين لديهم هذه الشجاعة. أنتم فقط بحاجة إلى علماء قادرين على تقديم هذه الرؤية للإسلام التي لا تتسامح مع الجور والاضطهاد والتي تبصر بعينين، عكس الدجال الذي يرى بعين واحدة فقط. هو أعور، لهذا هو في داخله أعمى. وهو حال الإخوان المسلمين اليوم. أنا آسف على قول ذلك، لكنها الحقيقة. فإذا تمكنتم في الجزائر من نشر وتطوير هذا العلم الذي يوفق بين المعرفة الخارجية والمعرفة الداخلية، حينها سيكون لكم شعب يسير على خطى الخضر عليه السلام. هذا هو الدور الذي ينتظركم في الجزائر