lundi 30 janvier 2012

جيل الشباب... والمستقبل المجهول

جيل الشباب... والمستقبل المجهول



منصور الزغيبي
 
    جيل الشباب هم قلب الوطن النابض، وبقدر الاهتمام المبذول نحوهم يعرف حجم الاعتناء والتقدير الذي يحصلون عليه من واقعهم الاجتماعي والتعليمي، وإهمالهم وعدم توظيف طاقاتهم، وعدم إعطائهم حقوقهم، كل ذلك يعبر عن نسبة التهميش في حقهم... جيل الكبار من الواجب عليهم تجاوز استخدام لغة الكهولة بلغة العصر، لأنها أصبحت لا تُجدي مع جيل الشباب الذي يفكر بطريقة واعية... جيل مختلف في طريقة رؤيته للحياة، جيل يتجاوز والديه وأساتذته في معرفته للواقع، وكمية المعلومات التي يحصلون عليها، ومتابعتهم للعالم وأحداثه، وفاعليتهم في الفضاء الإلكتروني.
الآن نعيش انفتاحاً كونياً غير مسبوق، وهو اختبار حقيقي للعملية التربوية، والقيم التي يحتضنها المجتمع ويسوِّق لها، وهذا الجيل هو «أولاد الفضاء المعلوماتي»، كما أطلق عليهم ذلك العالم أنثروبولوجي الدكتور أحمد أبو زيد.
من المؤلم جداً أن يكون هناك اختلاف جذري في الوعي بين الجيلين، وليست هناك مبادرات من جيل الكبار في النزول للواقع، ومعرفة ما يناسب جيل الشباب بشكل دقيق. أما الاجتهادات لترميم النقص والأخطاء، فهي لن تجدي في ظل المتغيرات التي تتجاوز طريقة تفكير العقول القديمة بمراحل لا يتصورها العقل.
هذا الجيل يختلف كثيراً عن آبائهم وآباء آبائهم في مستوى الوعي والثقافة، وطريقة النظر للحياة، فهم لا ينتسبون لهم إلا بالاسم فقط. تشير الدراسات، ويشهد الواقع، أن فئة الشباب في المجتمع السعودي هي أكبر الفئات.
استيعاب الشباب مطلب ضروري، وأي تأخر في مد اليد نحوهم واحتواؤهم هو اعتراف بالضعف وعدم السيطرة وعدم الاكتراث بمشكلاتهم وما يعانون منها. من المعلوم أن الشباب هم نتاج واقعهم الاجتماعي والتعليمي والسياسي والاقتصادي، كما أضم صوتي لصوت الدكتور مصطفى حجازي في تأسيس فرع معرفي جديد هو «علم الشباب» داخل الجامعات العربية، والعمل على الإحاطة الشمولية بواقع جيل الشباب ومعالجتها بطريقة واقعية وعقلانية.
الأجواء الأكاديمية في الجامعات العربية تعزل الطالب عن الحياة الواقعية، وتسهم في تعميق الفجوة، وغير قادرة على التعامل مع الانفتاح الكوني... الجيل الإلكتروني يعيش حال نضج باكرة... النزول للميدان الإلكتروني كافٍ لمعرفة حجم الوعي الناضج لدى الشباب المعاصر، الذي ينتظر من يقرأه بالشكل المطلوب، ويعالج همومه بعيداً من الطريقة التقليدية الفاشلة التي تخلق أزمات.
المؤسسات التعليمية والتربوية يجب عليها المبادرة بتأسيس مشاريع داخل الأحياء السكنية كتأسيس مكتبات للقراءة والبحث فيها، ونوادٍ رياضية، لاحتواء الشباب وتوظيف طاقاتهم في ما يخدم الإنسان والمجتمع. إذا نظر للواقع التعليمي وما ينتج عنه من إشكاليات، وما يعانيه جيل الشباب في ذلك، وفي واقعهم ومستقبلهم، هو في الأساس ناتج من مشكلة التخطيط الاستراتيجي للتعليم في مختلف مراحله ومستوياته ومجالات التخصص، وفتح المجال لتخصصات لا تحتاجها سوق العمل، وتضييق الخناق على ما تحتاجه سوق العمل.
العملية التربوية في حياتنا الاجتماعية تحتاج إلى تفكيكها وإعادة تركيبها من جديد تحت ضوء الواقع وظروفه.
جيل الشباب المعاصر يستطيع أن يتحدث ويتعلم أكثر من لغة في الوقت نفسه، ويعرف اختلاف العلماء، ويدرك كل ما يُطرح على أرض الواقع في كل مكان بشكل دقيق.
الجيل الحالي ضد الفكر الرجعي، وضد فكرة التخطيط في القضاء على حقوقهم ومصادرتها، فهو يتناقض مع الجيل السابق الذي يقبل المصادرة... من الواجب فتح المجال للشباب وتلبية حاجاتهم بكل اهتمام وتقدير، وإعطاؤهم المجال في التعبير عن آرائهم بكل حرية، والتحاور معهم بالأدلة والإقناع وغير ذلك لن يجدي... ليس هناك أقسى من الشعور لدى الشباب بانسداد آفاق المستقبل أمامهم.
الشباب يبحثون عمن يساعدهم في رسم صورة إيجابية نحو ذواتهم، وتعزيز الثقة لديهم، ومدهم بالحب والحماية والتقدير. هناك مفاهيم شائعة مرسومة في أذهان المسؤولين عن الشباب، أنهم لا يريدون العطاء والنماء والتطور والمشاركة والتحدي. يجب ألا يُحكم على الشباب من واقع مجموعات قليلة لا تعكس صورة كل الشباب بشكل موضوعي ومدروس، ولا يقاس عليها ولا يتحمل الآخرون ذنبهم... المسؤول نسي أنه كان شاباً في يوم من الأيام.
لا بد من إعطاء الشباب الاستقلالية التي يشعرون فيها بقيمتهم، ومعرفة ثقة المجتمع نحوهم، من أجل خلق جيل يكون على قدر عالٍ من الناحية النفسية والنضج المعرفي والكفاءة الشخصية.

mercredi 11 janvier 2012

الجنرال خالد نزار وخدعة السلم المدني في الجزائر

 الجنرال خالد نزار وخدعة السلم المدني في الجزائر


عودة جديدة إلى وقائع سنوات الدم والفوضى في الجزائر بسبب فتح القضاء السويسري سجل أحد صناع تلك المرحلة قبل شهرين. الجنرال المتقاعد خالد نزار تلقى في تشرين الاول/أكتوبر الماضي استدعاء للمثول أمام المدعية العامة الفدرالية السويسرية والرد على تهم موجهة له بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان في بدايات الأزمة الدموية التي عصفت بالجزائر خلال تسعينات القرن الماضي، وكان وقتها الجنرال نزار وزيرا للدفاع وعضو المجلس الأعلى للدولة، الهيئة الجماعية التي وضعت لخلافة الرئيس الشاذلي بن جديد الذي اضطر لتقديم استقالته.
الجنرال نزار اقتيد إلى مكتب المدعية العامة السويسرية وقد كان في زيارة خاصة إلى ذلك البلد للعلاج، وقد وعد القاضية بالمثول أمام المحكمة متى استدعي إليها ولم يبد اعتراضا على ذلك بل كان عازما على الرد على كل التهم الموجهة إليه وطي ملف الملاحقات القضائية الدولية التي يتعرض لها منذ فترة. إلا أن مجموعة من أصدقائه ومريديه والمتعاطفين معه ساقوا عريضة يحذرون فيها القضاء السويسري من مغبة الإبقاء على ملف نزار مفتوحا ودعوا الحكومة الجزائرية إلى التدخل لدى نظيرتها السويسرية لتتدخل بدورها لدى القضاء من أجل طي الملف نهائيا، وقال موقعو البيان وهم وزراء سابقون وقضاة وبرلمانيون ومحامون وصحافيون وكتاب ورجال أعمال إن ما أقدمت عليه المدعية العامة السويسرية تدخل في شأن جزائري خاص وإن التمادي في ذلك ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الشعبين الجزائري والسويسري، ودافع هؤلاء عن الجنرال نزار ورأوا أن ما فعله مع أركان النظام من توقيف للمسار الانتخابي ومنع الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الاستمتاع بفوزها الساحق في الانتخابات البرلمانية قبل عشرين سنة إنما كان عملا بطوليا لإنقاذ الجزائر من أن تتحول إلى أفغانستان أخرى في شمال إفريقيا. ولم يكتف موقعو عريضة مؤازرة الجنرال نزار بالحديث أصالة عن أنفسهم بل نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الشعب الجزائري، الأمر الذي أثار خصومهم في المعسكر المقابل وبادروا إلى استنكار ذلك وحرروا بدورهم عريضة ضد الجنرال نزار يدعون فيها إلى ضرورة محاكمته على ما يصفونه بالجرائم الكبرى التي ارتكبها رفقة أركان النظام الجزائري ضد مئات الآلاف من الجزائريين من المحسوبين على إسلاميي جبهة الإنقاذ وغيرهم. ولم يكتف هؤلاء، وأغلبهم من النشطاء في مجال حقوق الإنسان، بالتركيز على نزار بل دعوا السلطات القضائية السويسرية إلى تجميد كافة أرصدة وأملاك أزلام النظام الموجودة في سويسرا لأنهم اكتسبوها بغير وجه حق واغتصبوها من حقوق الجزائريين.
وأنا أقرأ العريضة المساندة للجنرال نزار تساءلت إن كان موقعوها، وكثير منهم من رجال القانون، لا يعرفون أنهم يخاطبون القضاء السويسري أم أنهم لا يفرقون بينه وبين القضاء الجزائري الخاضع لرجال المال والسياسة، وهل يتوقعون فعلا من الحكومة الجزائرية القائمة أن تتدخل لدى السلطات السويسرية حتى تتدخل بدورها لدى القضاء المستقل ليتخلى عن متابعة الجنرال ويدعه يتابع رحلة علاجه الطبيعي لوقف التدخين في أمان وطمأنينة. طبعا إذا حدث مثل هذا فلن يكون سابقة في تاريخنا الحديث، لأن العقيد معمر القذافي سبقهم إليها عندما قرر قبل أربع سنوات إزالة سويسرا من الخارطة وشن عليها حربا صوتية عندما تجرأت شرطة جنيف على اعتقال نجله هنبعل (المقيم حاليا في الجزائر) إثر شكوى بسوء المعاملة تقدم بها خادماه، بقية القصة يعلمها الجميع.
لا نعلم لحد الآن إن كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيستجيب لمطلب أصحاب العريضة ومنهم مجموعة من أصدقائه فيتدخل من أجل إنقاذ الجنرال نزار من مخالب القضاء السويسري مثلما فعل قبل عدة سنوات عندما استجاب بإرسال طائرة خاصة نقلت نفس الجنرال من قاعدة جوية في باريس على جناح السرعة بعد أن باشر القضاء الفرنسي في إجراءات لاعتقاله وتقديمه للمحاكمة استجابة لدعاوى قضائية رفعها ضده جزائريون مقيمون هناك. العلاقات ليست حميمة بين بوتفليقة ونزار، لكن للرجلين أصدقاء مشتركين إضافة إلى أن للرئيس تعهدا شخصيا بينه وبين أركان النظام الذي أتوا به إلى الحكم أن يذود عنهم ويحميهم من كل أذى قضائي خارجي يمكن أن يلحق بهم بسبب ما فعلوه في البلد خلال حقبة التسعينات الدموية. وقد ظل ملتزما بذلك لسنوات وتوّج ذلك عندما أدرج في ميثاق السلم والمصالحة الذي عرضه على الجزائريين للاستفتاء مادة تمنع على كل جزائري نبش ما حدث خلال سنوات ما كان يسمى الحرب على الإرهاب سواء بالحديث أو في أروقة المحاكم، وهذا ما أغلق الباب أمام ضحايا تلك الحقبة للتحرك على مستوى القضاء الجزائري ولم يبق لهم إلا القضاء الدولي.
بوتفليقة عمل من أجل إقامة سلم هش بين الجزائريين بناه على ما كان يسميه التوازنات الداخلية الممكنة، توازنات لم يكن فيها للشعب أي اعتبار بل كانت فقط مع زمر النظام الحاكم التي اتفقت على توزيع مناطق النفوذ السلطوي والمالي والسياسي في ما بينها. توازنات كان فيها الشعب يستعمل كوسيلة للضغط بين الزمر الحاكمة ولم يكن يخرج منها إلا بالخسائر المتتالية. سلم بوتفليقة فرضه على الجزائريين فرضا ولم يكن فيه أي اعتبار لمطالب الحلقة الأضعف في السلسلة، لذلك فإن أقل ما يتوقع من مثل هذا السلم أن ينهار في أول فرصة يستعيد فيها الشعب كلمته وحريته، وهذا بطبيعة الحال لا يعني أبدا أن الشعب الجزائري لا يريد سلما مدنيا دائما في بلده، فهذا هو أقصى ما يتمناه، بل هو يرفض سلما مفروضا عليه وفق أسس ظالمة. الجزائريون لا يمانعون في العفو عمن ظلمهم بشرط أن يعترف الظالم بظلمه ثم يختفي من الساحة تماما، لكن الذي نشهده هو أن النظام يرفض الاعتراف بما ارتكبه من جرائم أو تجاوزات في حق آلاف الأبرياء وهو يصر على تحميل مسؤولية كل ما جرى من فظائع لطرف واحد، بل حتى هذا الطرف الذي يحمَّل كل المسؤولية يتم التعامل معه بطريقة عجيبة لا تفسير منطقيا ولا قانونيا لها. النظام يقول إن التيار الأصولي المتطرف ممثلا في الجبهة الإسلامية للإنقاذ هو الذي تقع على عاتقه مسؤولية زعزعة أركان الدولة الجزائرية وإدخال البلد في حرب أهلية استمرت سنوات عديدة وخلفت عشرات الآلاف من الضحايا وخسائر بليونية إضافة إلى تقويض شخصية المواطن الجزائري. وتبعا لذلك قرر النظام لوحده أن يعزل الجبهة الإسلامية للإنقاذ من كل مسعى سياسي مصالحاتي في الجزائر ويحرم عليها إلى الأبد العودة إلى العمل الشرعي. قد يكون لمثل هذا القرار معنى لو أن النظام لم ينفذ قراره بتلك الطريقة العجيبة المتمثلة في حرمان القيادة السياسية للجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت في عز الأزمة وراء القضبان من كل حقوقها المدنية والسياسية بينما قرر من تلقاء نفسه أيضا أن يعفو عن الذين تورطوا في العمل المسلح باسم الجبهة الإسلامية للإنقاذ وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة التي كانت تتحرك في جو مليء بالغموض والتناقضات. إضافة إلى هذا لا تزال كثير من انتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأسها مسألة الاختفاء القسري الذي راح ضحيته آلاف الجزائريين من دون حل جذري يرضي أهالي الضحايا.
الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا يزال لحد الآن يطالب بإعادة محاكمته علنا وقد أعلن استعداده ليلقى جزاءه إذا ثبتت ضده التهم الموجهة له، وهي أيضا يطالب أن يمثل معه رجال الطرف المقابل ومنهم الجنرال خالد نزار. لا أدري إن كان هذا ممكنا ولو بعد حين، لكن الأكيد هو أن تحقيق السلم والطمأنينة بين الجزائريين لا يمكن أن يفرض بمرسوم وحتى إذا فرض فلا يمكن أن يستمر أبد الدهر، وأقل شيء إذا أردنا أن نبدأ به هو أن نقيد أيضا أيدي أزلام النظام من الحركة ونمنعهم من التصرف في شؤون الجزائريين، وبعدها نفسح المجال للشعب الجزائري ليختار ما يليق به بكل سيادة وحرية.

لماذا ينتحر الناس في الجزائر...؟

لماذا ينتحر الناس في الجزائر...؟

 

إن ظاهرة الانتحار انتشرت في الجزائر بشكل ملفت للانتباه، بحيث أصبح يعلن عنها يوميا في صحفنا الوطنية، وما يستدعينا للتوقف عندها، هو أنها مست جميع شرائح المجتمع، نساء ورجالا، كبارا وصغارا، فهي بمقتضى ذلك، لم تعد حالة استثنائية عابرة يمكن التغاضي عنها، بل تستدعي بالضرورة استنفار أهل الاختصاص من علماء نفس وعلماء اجتماع، وأساطين التربية، ورجال الدين، ودعوتهم إلى التكفل بدراستها ، والكشف عن أسبابها واقتراح طرق وأساليب علاجها.

إذ قد يكون من المعقول – علما بأن لا مبرر للانتحار- أن ينتحر فرد في مقتبل العمر، بسبب ضغوط نفسية أورثته اليأس وأفقدته صوابه ورشده فانتحر، لكن كيف نبرر انتحار المرأة والشيخ والصبي، هل نعدهم جميعا مرضى نفسيا؟ إن تبريرا كهذا لا يحل المشكل ولا يجيب على السؤال، وإذا قلنا بذلك فإن هذا يعني أننا نعتبر أن الشعب الجزائري مريض برمته، وهذا مالا يشهد به الواقع، ولا يقول به المنطق، وإذن هناك عامل آخر هو الذي يفسر انتشار هذه الظاهرة وشيوعها، أعني أن التبرير النفسي هو نتيجة وليس سببا في وجود هذه الظاهرة، فما هو هذا العامل يا ترى؟
 
أعتقد أن العامل المسئول عن وجود هذه الظاهرة، هو الوضع السياسي غير المستقر الذي تعيشه البلاد ، ذلك أن هذا الوضع وقف حجر عثر أمام انطلاقة اقتصادية فعلية تسهم في انتعاش الحياة، وإعادة الأمل المفقود إلى قلوب الجزائريين التي استوطنها اليأس وعشش فيها.
إن الركود الاقتصادي  الذي تعيشه الجزائر والذي يرجع إلى أسباب عديدة، التي من أهمها التعويل على الريع النفطي وحده، وعد م اعتماد إستراتيجية اقتصادية شاملة، تأخذ في حسبانها تنويع الموارد الاقتصادية عن طريق التكفل بالتنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية، الصناعية منها والزراعية والخدماتية، إضافة إلى الوضع الأمني غير المستقر الذي حال دون استقطاب الاستثمارات الخارجية بالقدر الذي يسهم في التنمية الاقتصادية بشكل إيجابي، فرض حالة من البطالة تكاد تكون عامة ، إضافة إلى التضخم الذي تسبب في التهاب الأسعار مما أثقل كاهل الأسر الجزائرية  وأثر سلبا على نفسية الإنسان الجزائري ، وأضعف قدرته على مقاومة قسوة الحياة وشراستها، وانحدر به إلى وهدة اليأس المطبق، فأوجد ذلك الأجواء المواتية لبروز ظاهرة الانتحار عندنا في الجزائر، وتفشيها في أوساطنا الاجتماعية بهذه الصورة المأساوية.
ومن هنا تصبح السيطرة على هذه الظاهرة من اختصاص السلطة السياسية لا السلطة العلمية وحدها ، فهي التي بيدها الحل، لأن علاجها يتطلب بالضرورة إنعاش الاقتصاد الوطني بصورة تكفل القضاء على البطالة، وتضمن  مناصب العمل للمواطنين، مما يعيد إليهم توازنهم النفسي الذي فقدوه فاندفعوا إلى الانتحار.
ولا بد للسلطة في هذه البلاد أن تعي أن الشباب الجزائر ي إذا سدت في وجهه أبواب العمل عليه في الخارج الذي يلجأ إليه اليوم كما هي في الداخل، فإنه  في هذه الحالة لن يختار الانتحار حلا لمشكلته، وإنما سيكون التمرد والثورة على السلطة القائمة هو الحل الذي يأخذ به، لإنقاذ نفسه وأطفاله وأنثاه، ولاسترجاع حقه وحقهم جميعا في الحياة، فلنحذر مثل هذه الثورة فإنها إن اندلعت فستأتي على الأخضر واليابس ، فيا رجال البلد تداركوا الأمر قبل فواته...

lundi 2 janvier 2012

الجنرال توفيق رئيس المخابرات العسكرية الجزائرية

الجنرال توفيق رئيس المخابرات العسكرية الجزائرية




 


لديه اكثر من 20 سنة في رئاسةالمخابرات مر عليه اكثر من 9 رؤساء و 16 رئيس حكومة و هو لم ينحى عن منصبه يعتبر الحاكم الفعلي للجزائر لديه خبرة كبيرة في صناعة الارهاب و توضيفه....

الجنرال توفيق الذي يتحدث عنه الكاتب كشخص غامض وخطير، فهو تلقى تعليمه العسكري في الاتحاد السوفييتي سابقا كما أنه كان على صلة قوية بالـ"كا جي بي". شخص قليل الظهور والسفر. يكره الصحافة وهو السبب الذي جعل الجميع يعرف اسمه ولا يعرف شكله إلى أن تجرأت صحيفة جزائرية ونشرت صورة جماعية لعدد من الضباط الكبار وكان الجنرال توفيق بينهم، انتهى بالصحيفة إلى التوقف وانتهى بالمصور إلى الاغتيال.. !

يحكي الكتاب عن هذا الجنرال بالذات بعبارة "هو سبب كل المآسي" فهو ليس فقط "رئيس المخابرات الجزائرية" بل أيضا أكبر "مجرم" تسبب في القتل وفي صناعة أمراء الموت الذين اشتغلوا لحسابه ولحساب عصبة الجنرالات تقتل حسب الخطط التي يتم نسجها داخل خلية الموت التابعة للمخابرات كما يقول الكتاب بحيث يتم توزيع المهمات على الضباط الذين تسربوا إلى الجماعات المسلحة أو الذين يقودون الجماعات المسلحة لتنفيذ عمليات الاغتيال ضد مواطنين مدنيين معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ ببرودة دم.. فهم "يختارون دائما القرية الثانية لأجل أن تكون القرية الأولى شاهدة على المجزرة فتحكيها للصحف في اليوم التالي.

القرية الأولى يجب أن ترى بعض الرجال غير الملثمين والذين هم معروفين كنشطاء سابقين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، يتم تقديمهم ليراهم الناس بينما بقية الرجال فهم ملثمون لأن اغلبهم من الضباط المنتمين إلى خلية الموت والذين شكلتهم المخابرات لأجل "إرهاب" الجزائريين وانتقاص من "دور المعارضة الحرة النزيهة".. هذا الكلام نجده أيضا بتفاصيل أكبر في كتاب سنوات الدم للعقيد محمد سمراوي الذي يصف بالتفاصيل الكاملة كيف يتم صناعة الجماعة المسلحة في مخبر المخابرات الجزائرية وكيف تتم المجازر التي يذهب ضحيتها الأبرياء من المدنيين..

الجماعة الإسلامية المسلحة جزء من المخابرات!
يتناول الكتاب أيضا بكثير من التفاصيل الجماعة المسلحة الجزائرية التي تعرف باسم "الجيا" والتي أبادت مئات الآلاف من الجزائريين وكانت أخطر جماعة مسلحة على الإطلاق، إذ يقول إلياس لعريبي أن هذه الجماعة كانت الستار التي صنعه الجنرالات للاختباء خلفه..

ويحكي كيف تم تأسيس هذه الجماعة في خطة تصفية جماعية لعدد من المعارضين الديمقراطيين وللنساء الديمقراطيات أيضا. اغتيال الصحافيين والمفكرين والمثقفين والفنانين والأدباء.. وأنها كانت (أي الجماعة المسلحة) تتلقى التعليمات من الجنرالات..

هذه النقطة سبق أن كشفها العقيد محمد سمراوي في كتابه سنوات الدم مثلما كشفها الضابط الحبيب سوايدية في كتاب: الحرب القذرة، لكن ما هو جديد في الكتاب الحالي انه صمم خريطة ليفهم القارئ كيف تتشكل التركيبة التابعة للمخابرات والتي كانت وراء الجحيم الذي عاشه الجزائريون طوال سنوات سوداء..